الخميس14/12/2023
تتنافس الشركات التكنولوجية الكبرى، في السنوات الأخيرة، على تطوير مجموعات جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي تٌمكن من التواصل الطبيعي عبر اللغات، كما تعمل على إنشاء منصات وتطبيقات متطورة لترجمة مختلف النصوص والمقالات المكتوبة والمسموعة، مما بات يطرح عدة تساؤلات حول مستقبل مهنة المترجم، وإن كان الذكاء الاصطناعي يشكل تحديا حقيقيا للمترجمين المحترفين.
أعلنت شركة “META” عن تطوير مجموعة جديدة من نماذج الذكاء الاصطناعي، تحمل اسم “سيمليس كوميونيكيشن” تجمع بين أكثر من 100 لغة منطوقة ومكتوبة مع الحفاظ على الأسلوب الصوتي والعاطفة ونبرة صوت المتحدث، وتشمل اللغات المدعومة الإنجليزية والإسبانية والألمانية والفرنسية والإيطالية والصينية.
تسهيل عمل المترجم
وتتنافس كل من “مايكروسوفت” و”أوبن إيه آي” (مبتكِرة تشات جي بي تي) على تطوير منصات الترجمة وقاموسها المعرفي من أجل تسهيل هذه العملية على الطلبة والباحثين وغيرهم.
كما سبق أن أعلنت شركة “سامسونغ” الكورية عن إضافة أداة الترجمة الفورية بواسطة الذكاء الاصطناعي في الهاتف الذكي الجديد للشركة المقرر طرحه في عام 2024، مبرزة أن هذه الأداة ستمكن من ترجمة الصوت أو النص في الوقت الفعلي.
وفي هذا الإطار، أكد مصطفى عاشق، مترجم تحريري وفوري، وباحث في ديدكتيك اللغات والترجمة واللسانيات بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الذكاء الاصطناعي أصبح يحظى بمكانة هامة في الترجمة التحريرية والفورية، بحيث له دور هام في الترجمة الآلية التي تعتمد على الخوارزميات لترجمة نص مكتوب أو مسموع من لغة إلى لغة أخرى.
وشهدت بعض الأنظمة الحاسوبية، يقول عاشق” نقلة نوعية مع استخدام الذكاء الاصطناعي والتي تتمثل في تحسين جودة الترجمة، مشيرا إلى أن أدوات الترجمة المبتكرة بتقنية الذكاء الاصطناعي تساعد المترجمين في عملهم اليومي وتساعدهم على زيادة كفاءة الترجمة والحفاظ على اتساق النصوص وتقديم مقترحات بناء على المحتوى المترجم مسبقا.
كما توقف عند مميزات أخرى للذكاء الاصطناعي؛ على رأسها “معالجة اللغات الطبيعية، بحيث تعتبر البرمجة اللغوية العصبية ضرورية لفهم لغة شبيهة بلغة الإنسان وتوليدها أيضا، وتوفير خدمات لغوية متقدمة بما في ذلك التدقيق اللغوي وتحسين الأسلوب وإدارة المصطلحات والتي تساعد المترجمين الفورين في تقديم عمل عال الجودة”.
وأكد المترجم عاشق أن نماذج الذكاء الاصطناعي أصبحت أكثر مهارة في فهم السياق والتعابير الاصطلاحية، ما يعزز دقة الترجمة التحليلية والفورية.
ماذا عن مهنة المترجم؟
وعلى الرغم من كل هذه المزايا، يقول الباحث في ديدكتيك اللغات والترجمة واللسانيات بجامعة محمد الخامس بالرباط، تظل الخبرة البشرية حاسمة ولاسيما في النصوص سواء المكتوبة أو المنطوقة التي لها حساسية ثقافية وتتطلب دقة السياق وفهمه وتفسيره.
وفي هذا الصدد، يرى عاشق أن لغة الذكاء الاصطناعي تحسنت إلا أن ذلك لا يضمن دقتها وفهمها واستعابها التام للسياق، نظرا لتحديات عديدة أمام الذكاء الاصطناعي التي تحول بينه وبين تحقيق ترجمات مثالية؛ من بينها الغموض والسياق.
وأوضح، في هذا الإطار، أن أغلب اللغات الطبيعية غامضة بحيث يختلف معنى الكلمة أو العبارة بناء على السياق المستخدمة فيه، لهذا، يضيف عاشق، تحاول أنظمة الذكاء الاصطناعي جاهدة ترجمة اللغة الغامضة بشكل دقيق ومفهوم، “لكن ذلك يؤدي إلى أخطاء كثيرة”.