الأربعاء17/1/2024
غادر إلى دار البقاء، امس “الثلاثاء” الفنان المغربي لحسن زينون، بعد صراع طويل مع المرض، مخلفا حزنا عميقا بين محبيه وداخل الوسط الفني.
ونعى عدد من الفنانين والمخرجين الراحل في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم الفنانة لطيفة أحرار التي قالت في تدوينة على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك: “حزينة .. رحيل رجل كان يراقص الأرواح والكلمات”.
كما عبر الفنان والمخرج ادريس الروخ عن حزنه على فراق الراحل زينون، في تدوينة مماثلة، داعيا له بالرحمة والمغفرة.
وترعرع لحسن زينون وسط أسرة متواضعة، مكونة من أب اشتغل في السكك الحديدية، وأم، ربة بيت، تمثلت مهمتها في العناية بزوجها وأبنائها وشؤون بيتها. وبعد عبور قصير بالكتاب القرآني، سجل وهو في سن السابعة بالمدرسة الابتدائية الخاصة بالبنينن التي شكلت بالنسبة لزينون الطفل، عالما غريبا.
وأصدر الفنان الراحل لحسن زينون، سنة 2021، مؤلفه الجديد “حلم ممنوع”، وهو سيرة ذاتية مرتبطة بحياته الخاصة، وبعقود من عمره قضاها في التجوال بين مختلف المجالات الفنية، بالموازاة مع رحلة نضال خاضها في سبيل الاعتراف بالرقص الكلاسيكي والدفاع عن التراث المغربي.
و استحضر الراحل المولود سنة 1944 جانبا من طفولته ومراهقته وشغفه بالفن، بحيث لم يسمح لسكان درب مولاي الشريف خلال فترة الاستعمار، بزيارة أو التنقل إلى الأرجاء الأخرى للمدينة. ولذلك، لم يكتشف لحسن الصغير الدار البيضاء إلا بعد الاستقلال. ومع هذا الاكتشاف، سينفتح أمامه عالم سحري آخر سيقوده إلى مناحي أخرى غير متوقعة في حياته.
وهو يخوض مغامرة الزيارة الأولى إلى وسط المدينة، عبر بمبنى أبيض أنيق حيث انبعثت موسيقى حساسة من خلال النافذة. موسيقى تسلسلت إلى دواخله وأحدثت فيها مفعول التنويم المغناطيسي، هذا المبنى لم يكن سوى المعهد الموسيقي بمدينة الدار البيضاء والذي سيشكل لاحقا ملاذا للحسن زينون.
سجل الطفل زينون مباشرة بعدها بالمعهد، حيث شرع في دراسة الصولفيج دون إخبار والده. وِشيئا فشيئا، سيشرع لحسن زينون في اكتشاف مواهبه المتعددة قبل أن يقرر كراء آلة البيانو لعزف الموسيقى.
اكترى زينون فعلا البيانو، وبعد أن جلبه للبيت بمساعدة والدته، سيواجه أول رفض له من قبل والده إثر طرده من البيت بعد اكتشافه وجود الآلة الموسيقية.
ولأنه جعل من الفن معبرا للتغلب على الصعاب، فإن زينون الفنان الشاب، لم يتوقف عند هذه الحدود بعدما قام بمغادرة المغرب في اتجاه بلجيكا، حيث قابل هناك حب حياته راقصة الباليه ميشيل باري، التي ستصبح في مرحلة لاحقة شريكته في الحياة وأما لأبنائه.
وبعودته مجددا للمغرب، بعد سنوات من الغياب، واجه زينون رفضا من نوع آخر، لكنه لم يستسلم له، مواصلا حربه الشرسة للاعتراف بالرقص الكلاسيكي والحفاظ على التراث المغربي.