الإثنين 5/2/2024
عبرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد عن إصطفافها الى جملة من الأصوات الناقمة والمنتقدة لخبراء ومحللي الاقتصاد خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الشهر الماضي.
وقالت إن “العديد من خبراء الاقتصاد هم في الواقع عبارة عن زمرة قبلية”، في إشارة إلى غياب الانفتاح على توجّهات علمية أخرى.
وأضافت لاغارد التي شغلت في الماضي منصبي مديرة صندوق النقد الدولي ووزيرة المال الفرنسية أن الخبراء “يقتبسون أقوال بعضهم بعضا.. لا يتجاوزون حدود عالمهم لأنهم يشعرون بالارتياح فيه”.
ويؤكد بعض خبراء الاقتصاد بالفعل أن على أقرانهم الخروج من دائرتهم المريحة المتمثّلة بجداول بيانات “إكسل” والنماذج الجامدة.
وقال كبير خبراء اقتصاد منطقة اليورو لدى مصرف “آي إن جي” بيتر فاندن هوت بنبرة ساخرة إن العالم “تغيّر بعض الشيء”.
بعد سنوات من التضخم المنخفض، أدت إعادة فتح اقتصادات العالم إلى ارتفاع الأسعار التي ازدادت أكثر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لتثبت عدم صحة تطمينات لاغارد ورئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول الى أن الزيادات ستكون “عابرة” فحسب.
واضطرت المصارف المركزية لرفع معدلات الفائدة مرّات عدة لمكافحة التضخم. وبينما تراجعت زيادات الأسعار في الشهور الأخيرة، أبقى صانعو السياسات المعدلات مرتفعة بانتظار تحديد إن كان بإمكانهم خفضها لاحقا هذا العام.
وأقرت لاغارد بأن التوقعات التي استندت إليها قرارات البنك المركزي الأوروبي لم تكن صحيحة على الدوام ولم تأخذ نماذجها العوامل المرتبطة بالأزمات في الاعتبار.
وقال فاندن هوت إن “إمكان الوثوق بالنماذج التي نستخدمها حاليا أقل نظرا إلى وجود العديد من العوامل التي يصعب دمجها” فيها.
وأشار خصوصا الى اضطراب سلاسل الإمداد بعد الوباء ونقص العمالة والتوترات الجيوسياسية.
وقال خبير الاقتصاد لدى “أليانز تريد” Allianz Trade ماكسيم دارميه إن “مصدر الفشل ليس النماذج الاقتصادية، بل افتقار خبراء الاقتصاد إلى الخيال”.
وأضاف “استقروا على أمجادهم الماضية” بعد 30 عاما من العولمة “سرى كل شيء خلالها على ما يرام”.
وبينما لجأت المصارف المركزية لرفع معدلات الفائدة لمنع خروج الاقتصادات عن السيطرة، حذّر الخبراء من أن النمو في البلدان المتقدمة سيسجّل تراجعا حادا أو حتى انكماشا في 2023.
لكن ما حصل أن اقتصاد الولايات المتحدة سجّل نموا العام الماضي بينما بقي اقتصاد منطقة اليورو، باستثناء ألمانيا، ضمن منطقة النمو.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي للعام 2024 إلى 3,1 في المئة، عازيا الأمر الى الصمود غير المتوقع في اقتصادات رئيسية ناشئة ومتقدمة، بما فيها الولايات المتحدة والصين.
وقال استاذ الاقتصاد في جامعة برنستون ألان بلايندر لفرانس برس “هناك أحجية في تباطؤ التضخم الواضح هذا”.
توافرت كل المؤشرات الدالّة على ركود مقبل، لا سيما معدلات الفائدة في الولايات المتحدة، بينما هيمن تشاؤم على المؤشرات، علما بأنه في سبعينات القرن الماضي، كان الركود المخرج الوحيد من التضخم المرتفع. لكن اتُّهم خبراء الاقتصاد مجددا بضيق الأفق.
أرجع فاندين هوت الأمر جزئيا إلى ضعف نوعية البيانات وتراجع معدلات الرد على الاستطلاعات.
كما ساهمت في الأمر ظواهر جديدة. فعلى سبيل المثال، ساعدت المدخرات في زيادة الاستهلاك بينما تعاملت الشركات “بشكل أفضل” مع معدلات الفائدة مما كان عليه الحال في الماضي، بحسب المدير العام لـ”ماركت سكيوريتيز موناكو”