الخميس 29/2/2024
يقف عبد الرحمان وهو يحمل في يده قطعا مختلفة من الزرابي التقليدية الأصيلة ، ويقوم بتقليبها بحركات متقنة لجذب انتباه زوار المعرض الجهوي للصناعة التقليدية المقام بمدينة الدارالبيضاء بألوانها الزاهية ونقوشها الأمازيغية الأصيلة، لعلها تثير اهتمام الزوار.
يشرح البائع تفاصيل التقنيات التي استخدمتها أنامل نساء تازناخت في حياكة هذه الزرابي، مشيرا إلى الجهد والمهارة التي تطلبتها عملية صنع كل قطعة. ويروي قصصا عن تاريخ هذا الفن وكيف أن كل رمز يحمل في طياته هوية الثقافة المحلية.
“هذه الزربية هي بمثابة كتاب تصف فيه المرأة محيطها البيئي والاجتماعي. وحسب الخبراء، فإن أصولها تعود إلى القرن السابع عشر ميلادي. غير أنه لا يمكن تحديد تاريخ محدد لها لأنها كانت متواجدة منذ عقود”. هكذا تحدث عبد الرحمان جناح، بائع زرابي يعمل ضمن المجموعة ذات النفع الاقتصادي “تكضيفت تازناخت”، في تصريح عن تاريخ منتوجاتهم المحلية.
وتشارك المجموعة ذات النفع الاقتصادي “تكضيفت تازناخت”، التي تضم 35 تعاونية فلاحية من جماعات تازناخت ووسلسات وسيروا وزناكة وجماعة خزامة، للمرة الثانية على التوالي في فعاليات الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية، الذي شهد خلال هذا العام تنظيم معرض بمدينة الدار البيضاء لتسويق الزرابي المغربية وتغطية الأرضيات المصنوعة يدويا على غرار الزليج والخشب والرخام.
تعتبر زربية تازناخت واحدة من أكثر الزرابي المغربية عراقة عبر التاريخ، حيث دأبت نساء صبورات على إبداعها دون الحاجة إلى القراءة والكتابة لتشكيل ألوان ورموز هذه التحفة الفنية.
ويشرح جناح أن هذه الزربية تنبني على الموروث الطبيعي للمنطقة والذي يتمثل في الصوف الطبيعي لـ”سيروا”، والذي يعد ثالث أجود أنواع الصوف في العالم بعد صوف أستراليا ونيوزيلاندا.
ضم المعرض الجهوي للصناعة التقليدية بالدار البيضاء أنواعا فريدة من الزرابي المغربية
ووفقا للمعطيات التي تشاركها التعاونية المذكورة مع زوار المعرض الجهوي للصناعة التقليدية، فإن زربية تازناخت تشتهر برسومها ورموزها الأمازيغية مثل حرف “تيفيناغ”. كما أن ألوانها طبيعية ومصنوعة من الأعشاب الموجودة في المنطقة مثل “تانيلكا” و”تالاوبيا” و”افزضاض”.
ويؤكد جناح أنه بهذه الحرفة العريقة تعيل نساء الجماعات الخمس بإقليم تازناخت أسرهن وتأمن لقمة عيشهن على مدار السنة.
وتضم جماعات تازناخت 22 ألف نساجة، وفقا لتصريح لطيفة الداودي، رئيسة المجموعة ذات النفع الاقتصادي “تكضيفت تازناخت”، لذلك تراهن الحرفيات على مثل هذه التظاهرات للتعريف بزرابيهن وإنشاء علاقات تجارية جديدة.
تتميز زرابي تازناخت بالرموز الأمازيغية / تصوير حمزة بامو
وتلقى هذه المنتوجات التقليدية طلبا كبيرا على الصعيدين الوطني والدولي، وفقا للداودي.
ووفقا لمعطيات نشرتها وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني فإن صادرات الزرابي المغربية استحوذت على 22 في المائة من الصادرات الإجمالية لمنتوجات الصناعة التقليدية، وحققت تطورا بلغ 73 في المائة سنة 2022 بالمقارنة مع سنة 2021.
وأبرزت الداودي أن زربية تازناخت تعرف على الصعيدين الوطني والعالمي بجودتها العالية من حيث الألوان الطبيعية التي تستخدم فيها وكذلك من حيث صوف جبل سيروا الذي يعد من أجود أنواع الصوف الموجود في المغرب. وهو ما يمنحها قيمة رمزية وطلبا كبيرا.