السبت 9/3/2024
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة نجد استمرار الفوارق بين الجنسين في العمل، خصوصا على مستوى الأجور، وتأتي هذه المعطيات في وقت تظهر فيه الإحصائيات الرسمية أن الفتيات متفوقات في التعليم مقارنة بالذكور. فما سبب هذه الفجوة في الأجور بين الجنسين؟
بلغ متوسط الأجر الشهري في سنة 2019، وفق أرقام المندوبية السامية للتخطيط، 3800 درهم لكل أجير على المستوى الوطني، مع فارق ملحوظ بين المناطق الحضرية والقروية، حيث بلغ على التوالي 4500 درهم و2200 درهم. ويحصل الرجال، في المتوسط، على أجر شهري قدره 3900 درهم، مقابل 3700 درهم للنساء.
وتمثل نسبة النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و60 سنة 32,2 في المائة من مجموع الأجراء في الوسط الحضري، مقارنة بـ67,8 في المائة المسجلة لدى الرجال؛ أي من بين 31 أجيرا، هناك 10 نساء و21 رجلا.
وتعليقا على أرقام المندوبية، أكدت بشرى عبدو، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أن هذه المعطيات تظهر بالملموس تفاقم “التمييز بين الجنسين” في بيئة العمل، خصوصا على مستوى الأجور وعلى مستوى الحضور ومواقع المسؤولية داخل المؤسسات سواء كانت خاصة أم عامة.
وأبرزت عبدو، أن أغلب المقاولات يسيرها أو يديرها رجال فيما تشغل نسبة قليلة من النساء مناصب المسؤولية، مشيرة إلى أن هذا الأمر يعزى أساسا لـ”العقلية الذكورية” التي ترى أن المرأة غير قادرة على التسيير والمواكبة نظرا لطبيعتها البيولوجية واهتماماتها الأسرية.
واعتبرت الحقوقية ومديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، هذه النظرة “تمييزا” ضد النساء رغم إظهارهن قدرتهن على العمل وتقلد مناصب المسؤولية والتسيير الجيد في عدد من القطاعات.
ويبلغ متوسط الأجر في القطاع العام 8500 درهما لدى الرجال و8300 لدى النساء، فيما يبلغ متوسط الأجر في القطاع الخاص 5400 درهم عند الرجال و3800 درهم عند النساء؛ أي بفجوة تصل إلى 43 في المائة.
وأكدت عبدو على ضرورة تغيير “العقليات النمطية”، وأحكام القيمة التي تعتبر الرجل “رمز السلطة” ومعيل الأسرة الوحيد، لافتة إلى أن “المرأة اليوم تنفق بنسبة كبيرة داخل الأسرة وأصبحت كذلك المعيلة للأسر”.
ودعت، في هذا الإطار، إلى ملاءمة القوانين المنظمة لسوق الشغل سواء القانون الأساسي للوظيفة العمومية أو مدونة الشغل بالنسبة للقطاع الخاص لكي تتلاءم مع الدستور المغربي ومع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق النساء.
وشددت على ضرورة تعزيز حضور النساء في سوق الشغل، بالنظر للكفاءات التي أبانت عنها المرأة المغربية، وتحقيق عدالة أجرية في القطاعين العام والخاص، فضلا عن تعزيز الثقة في النساء ليتقلدن مناصب المسؤولية.
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي محمد جدري، أن الاقتصاد الوطني لا يستفيد بالشكل الكافي من الكفاءات النسائية المغربية بسبب نسبة نشاط النساء التي لا تتجاوز 20 في المائة، “وذلك في وقت تلتزم فيه الحكومة برفع نسبة نشاط النساء من 20 في المائة إلى 30 في المائة في حدود سنة 2026”.
واستغرب جدري، من تسجيل تفاوتات في الأجور بين الجنسين رغم قيامهما بنفس العمل، معتبرا هذا الأمر “تمييزا” في حق النساء كيفما كان مستواهن الدراسي والأكاديمي.
ولخص جدري أسباب هذه التفاوتات في “المقاربة الذكورية” التي مازالت تطغى على العديد من المؤسسات والقطاعات خصوصا في القطاع الخاص، مؤكدا أن عددا من المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا تجنب تشغيل النساء تخوفا من توقف العمل خلال فترات الحمل والرضاعة أو بسبب انشغالات بعض النساء بتربية الأطفال.
أما السبب الثاني، وفق المحلل الاقتصادي والأكاديمي، يكمن في كون الرجال أكثر مطالبة بحقوقهم وأجورهم بحجة تحملهم لأعباء الأسرة، إذ ينشطون على مستوى النقابي بشكل أكبر، وذلك في وقت ترضى فيه بعض النساء بالأجر الذي يقدم لهن.
كما يرى جدري أن التفاوتات في الأجر بين الجنسين ترجع أيضا لتقلد الرجال لمناصب المسؤولية التي تخول لهم الحصول على أجر مرتفع، مقارنة بالمناصب العادية التي تشغلها العديد من النساء.
وشدد جدري على ضرورة توحيد الأجور والمناصب بين النساء والرجال في القطاع الخاص، مشيرا إلى أن القطاع العمومي ينصف النساء المغربيات عبر احتساب الأجور بالسلالم والرتب، إذ لا تتعدى التفاوتات في الأجور بالقطاع العام 2,4 في المائة.