يتخذ عدد من الباعة الجائلين من منصات التواصل الاجتماعي متجرا لبيع سلعهم خصوصا بعد حملات تحرير الملك العمومي التي تشهدها مختلف المدن المغربية. ويطرح هذا النوع من التجارة عدة تساؤلات حول كيفية الوصول لهذا البائع في حال تعرض المستهلك لعملية نصب.
أوضح وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، أنه بات من الصعب الحد من الباعة الجائلين على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث ينشط عدد كبير منهم على هذه المنصات دون أي هوية تجارية ويستعملون مواقع التواصل ليمارسوا التجارة، بشكل مخالف للمقتضيات القانونية.
أشخاص مجهولي الهوية
وأبرز مديح، أن جمعيات حماية المستهلك تطلق على هؤلاء الباعة اسم “فرّاشة الإنترنيت”، بحيث وجدوا فرصة سريعة للربح في ظل محاربتهم في أماكن أخرى.
ويقوم معظم هؤلاء الباعة بتصوير بعض المنتجات عند بائعي الجملة بـ”كراج علال” أو “درب عمر” على سبيل المثال، ويعرضونها على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، يقول مديح، مشيرا إلى أن هذه العملية تتم أحيانا بشكل سليم، لكن في أحيان أخرى يمكن أن يتعرض المستهلك للنصب بعد رؤية منتوج وتوصله بآخر غير مطابق له.
وأوضح أن خطورة التعامل مع هؤلاء الباعة تكمن في كونهم يجهلون القانون ولا يجيدون التعامل التجاري، وذلك في وقت باتت فيه معظم المحلات خصوصا المتعلقة ببيع الجملة بعرض منتوجاتها للبيع على مواقع التواصل الاجتماعي لجلب الزبائن الافتراضيين.
وحذر رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك من التعامل مع أشخاص مجهولي الهوية، مبرزا أن القانون لا يحمي من يقع في هذه الأخطاء لصعوبة تتبع مصدر ومكان هؤلاء الباعة.
ويشكو عدد من المواطنين من توصلهم بسلع غير مطابقة للصور المعروضة في مواقع التواصل أو يتم استبدال السلعة بأخرى أرخص ولا ينتبه إليها المستهلك إلا بعد ذهاب البائع.
ممارسات منافية للقانون
وأوضح مديح أن القانون رقم 08-31 لحماية المستهلك يضمن مجموعة من الحقوق للمستهلك لكن بشرط التعامل مع مواقع معروفة وغير مجهولة الهوية، لافتا إلى فرض القانون لمجموعة من الالتزامات التي يجب على “التاجر السيبراني” احترامها، خصوصا من المادة 25 إلى 39 التي تفرض عددا من المقتضيات على ممارسي التجارة الإلكترونية بهدف حماية المستهلك.
ويعرف القانون المذكور “التاجر السيبراني”، بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري باستعمال شبكة الانترنيت.
و”يعتبر المورد مسؤولا بقوة القانون تجاه المستهلك على حسن تنفيذ الالتزامات الناتجة عن العقد المبرم عن بعد، سواء كان تنفيذ الالتزامات المذكورة على عاتق المورد أو مقدمين آخرين للخدمات دون الإخلال بحق المستهلك في الرجوع عليهم”.
وسبق أن أكد مديح تلقي العديد من الشكايات التي أكد خلالها مواطنون تعرضهم لممارسات منافية للقانون المنظم للتجارة الإلكترونية من طرف عدد من الواقع، مشيرا أن العامل المشترك بين هذه الشكايات هو عدم سلك أصحابها للطريقة السليمة في التعامل مع هذه المواقع، خصوصا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.
منتجات مقلدة
وسبق أن كشفت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة عن ضبط الآلاف من المنتجات المقلدة، تساوي قيمتها الملايين من الدراهم، متأتية من التجارة عبر الانترنت.
وأكدت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، في تقرير أنشطتها لسنة 2023، أن التجارة عبر الانترنت تطورت، وخاصة المبيعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي “التي تشكل قناة متميزة لانتشار المنتجات المقلدة”، لذلك عززت آلياتها الرقابية لمكافحة هذه الظاهرة التي أكدت أنها تضر الاقتصاد الوطني وصحة وسلامة المستهلك.
وأبرزت أن حجم المواد المقلدة المضبوطة، بلغ في سنة 2023، مليونان و21 ألفا و886 منتجا، وهو ما يعني زيادة في الحجم مقارنة مع سنة 2022 التي تم خلالها ضبط مليون و821 ألفا و886 منتجا مقلدا، أي بزيادة 11 في المائة.
وبحسب إحصائيات التقرير، فإن القيمة المالية لهذه المنتجات المقلدة المضبوطة، تساوي حوالي 19,9 مليون درهم.
وبالإضافة إلى ما تم ضبطه، عالجت الإدارة 622 طلبا لتعليق حرية تداول بضائع يُفترض أنها مزيفة، مقارنة بـ682 طلبا سجلته سنة 2022.
نصائح للمستهلك
وشدد مديح، في هذا الإطار، على ضرورة تكثيف عمل السلطات المعنية في هذا المجال وأخذ هذه الأمور بحزم وجدية، مبرزا أن مصالح وزارة التجارة والصناعة تقوم بالمراقبة على صعيد المتاجر الإلكترونية المعروفة، بحيث تتم معرفة إن كانت منصة البيع تستجيب لمقتضيات القانون المتعلق بالتجارة الإلكترونية على غرار عنوان التاجر ورقم هاتفه ومعطيات حول السلع التي يقدمها، في حين يصعب تتبع مسار من يمارسون التجارة على مواقع التواصل.
ولتفادي الوقوع ضحية بعض الباعة المجهولين، دعا مديح المستهلكين إلى عدم التعامل مع أي شخص مجهول الهوية ولا يحمل صفة تاجر.
وخلال عملية الأداء عند الاقتناء من التجارة الإلكترونية نصح مديح بتفضيل الدفع عبر البطاقة البنكية لأنها آمنة أكثر، لافتا إلى أنه يحق للمستهلك مطالبة البنك بإرجاع نقوده من المورد الذي لم يحترم حقوقه عبر التلاعب بالسلعة أو سرقة أمواله وذلك في غضون 60 يوما من يوم تسديد ثمن السلعة، وتسمى هذه العملية “Une opération Charge Back”.
وفي حال التخوف من الأداء بالبطاقة البنكية دعا مديح المستهلك إلى الدفع نقدا بعد فتح السلعة والتأكد من مطابقتها للمنتوج المعروض للبيع، مشددا على ضرورة تفادي الأداء عبر حوالة بنكية أو عبر وكالات الكاش وذلك لضمان حقوق المستهلك سواء في استرجاع نقوده أو التأكد من سلامة المنتوج.